ما تعلمته من فيلم Purple Hearts عن الصحة ومرض السكري
لما كنت طفلة صغيرة ، اعتقدت أن مرض السكري معناه أن عندنا نسبة عالية جدًا أو قليلة جدًا من السكر في مجرى الدم ومفكرتش في تفاصيله أكثر من كده. لكن رغم معرفتي البسيطة عنه من صغري، كعدو جامح ممكن يصيبني كنتيجة مباشرة للأطعمة غير الصحية اللي بستمتع بأكلها، كان دائمًا شيء بيرن في ذهني في قاع عقلي الباطن، في لحظات هادئة في شكل شعور بالذنب. وكل ده بسبب حبي للحلويات اللي والدي كان دائمًا بينبهني لها ولكمية الكوكا كولا أو السكر المخيفة اللي بتناولها يوميًا. بصراحة لازم اعترف أن أكبر أنواع الإدمان عندي حتى الآن، والأكثر صعوبة في مكافحته، هو السكر.
سنة 2018 ، كنت في مكتب أحد أصدقائي في دبي بفطر بار سنيكرز وفانيلا آيس لاتيه. حاجة غريبة أوي، مش كده؟ زميل صديقتي نظرلي باستغراب جدًا وهو غير مدرك أنه ده لا يقارن بكمية السكر التقليدية اللي بتناولها يوميًا. أنا كنت بتناول كمية سكر كما لو أنها مياه!! وجه كلامي ليا وقالي أن النمط ده ممكن يؤدي للإصابة بمرض السكري في وقت لاحق من حياتي. قالي أن مرض السكري في أكثر صوره عنفًا ممكن يؤدي لفقدان الأطراف أو الوفاة. للحظات اتجمدت في مكاني من الخضة، خايفة على مستقبلي ولكن بعد دقائق، كملت أكل السنيكرز عادي زي المدمن اللي بيدور على جرعة المخدرات. الخليط الجميل ده من السكريات بيخلي كيمياء دماغي تتسرب من ارتفاع السكر وبتمدني بشعور كان كافي أني أمحي النظرة المخيفة لمستقبلي.
ده طبعنا كبشر. مش كده؟ نسمع نتعلم ، ولكن تنفيذ التغييرات الحقيقية بنشاط لمنع حدوث نتيجة رهيبة أمر شبه مستحيل. تغيير العادات العميقة اللي تضاعفت بسبب سنوات من التكييف الإيجابي المحيط بأطعمة معينة، ممكن يبدو فكرة سهلة، ولكن تنفيذه هو الأكثر صعوبة وشبه مستحيل.
امبارح اتفرجت على فيلم Purple Hearts على Netflix.. دراما رومانسية عاطفية بيحكي عن كاسي سالازار - بتقوم بدورها الممثلة صوفيا كارسون- مغنية إسبانية تم تشخيصها مؤخرًا بمرض السكري من النوع الثاني. تجمعها علاقة حب مع لوك مارو - قام بدوره الممثل نيكولاس جالتزين - جندي من مشاة البحرية تم إرسالة لخوض الحرب في العراق. على الرغم من أنها تبدو للوهلة الأولى وكأنها خلفية دعائية مبتذلة لقصص الحب الأمريكية التقليدية، لكن مع تعمقك في الفيلم بتكتشف تفاصيل مثيرة للاهتمام عن مجال الرعاية الصحية، والشركات الصيدلانية الكبرى (التكتلات الصيدلانية)، والاحتيال. بالعودة لأحداث الفيلم، يتفق لوك وصوفيا على الزواج المزيف عشان تتمكن من دفع فواتيرها الطبية المكلفة جدًا لإبقائها على قيد الحياة، ويقدر هو يسد دين ضخم لتاجر مخدرات، لو مدفعش له هيقتل أسرته. المخاطر كبيرة على كلا الجانبين. على الرغم من أن أحداث الفيلم بتقع في أمريكا إلا أن رسالته مؤثرة على مستوى العالم. بسببه بدأت أفكر عن إمكانية ومدى سهولة الوصول للرعاية الصحة على أرض الواقع.
بعد تذكيرنا بمدى صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، حسيت أنه من الضروري أني أجد الوقاية قبل أن أجبر على إيجاد العلاج. لا يمكن إنكار أن الحصول على الرعاية الصحية في مصر مكلف وحصري وخطير. تكلفة وفواتير المستشفيات بتجبرنا نضع الرغبة في متابعة أعراضنا أولوية ثانية أو ثالثة.
كيف نخوض في الرمال المتحركة؟
كبداية، من المفيد بالتأكيد نفهم أننا كبشر بنكافح طبقات من التحديات، الداخلية والخارجية، بتمنعنا من الحفاظ على موقف صحي تجاه أنفسنا والعالم من حولنا. لقد جعلنا الإعلان والتسويق في مأزق، وبيبيع لنا الوهم اللي بنطارده باستمرار ولكننا مش بنلحق به أبدًا، فمثلًا شراء بيج ماك أسهل وأرخص من طلب سلطة عضوية بدون مبيدات حشرية.
حتى لو كان عندك رفاهية الاستثمار في صحتك، فلازلت هتواجه بعد ذلك طوفان من التشخيص الخطأ من الأطباء، ونقص الشجاعة لتصديق أعراضك، وعدم الانضباط للحفاظ على أنظمة صحية، وانعدام الثقة وحب الذات لتغيير عاداتك وأسلوب حياتك. بالإضافة لعدم القدرة على تحدي المسارات العصبية وتغييرها في دماغك لتكوين روابط مختلفة مع ما تم تكييفك عليه لتجد السعادة فيه.
بعد ذلك بيكون علينا نواجه بحر من الأحاديث الجاهلة من أشخاص في دوائرنا القريبة، وبعض الأحاديث دي قد تكون مضللة عن موضوعات زي مرض السكري، بتشتتنا في اتجاهات مختلفة وتخلينا نرغب في الاستسلام، أو بتقودنا لإبطاء عملية الوعي بأعراضنا وظروفنا بشكل خطير.
نقدر نعمل إيه؟
الوعي هو المفتاح
لما يتعلق الأمر بأي نوع من التغيير، فالخطوة الأولى هي التغلب على الإنكار، وقبول الواقع ، وتثقيف نفسك بجسدك وعقلك وما يمكن فعله لتحسينهم. لما بنكون على علم بالأسباب الدافعة لتناولنا أكل غير صحي أو تفويت الصالة الرياضية، أو تخطي معاد مع الدكتور، فبكده إحنا بنسلح نفسنا بأدوات لمحاربة نفسنا. في بعض الأحيان، إحنا أسوأ أعداء لنفسنا. لازم تعرف عدوك من عشان تحاربه.
قيمتك التجارية بتزيد لما بتكون غير صحي
بالحديث عن الوعي ، فمش من مصلحة شركات الأدوية، والمعروفة أيضًا باسم المافيا الأمريكية الجديدة والعلامات التجارية والمعلنين تغيير عقليتنا وفهم أننا مش بحاجة إلى شراء شيء معين عشان نعيش بسعادة وصحة. الانضباط في معرفة الفرق بين رغباتنا واحتياجاتنا هيمكننا من الدفاع ضد هجوم دوري على تقديرنا لذاتنا. هجوم بيجبرنا على الوقوع ضحية لعمليات الشراء والأكل والانغماس في أنماط غير صحية بتؤدي بتدهور صحتنا في نهاية المطاف.
ابدأ دلوقتي
لو كنت شبهي، فأنت أكيد بتتوقف في نصف الطريق خلال حل المشكلة. للأسف أنا بعاني من المثالية، عقلي بيفكر في الحلول بنظرية إما الكل أو لا شيء! طريقة تفكير خطأ بحاول اعالجها ببطء. دائما بتخيل أني لو مبدأتش اليوم بشكل صحيح، فالوسط والنهاية هيكونوا بنفس السوء. طبعًا التفكير ده بيعوقني عن خلق مستقبل أفضل لي. لأن كل ما أجلت وبدأت لاحقًا عشان ابدأ بالشكل المثالي من وجهة نظري، كل ما زادت الفترة المطلوبة للتغيير. إياك تتوقف لمجرد أنك حاسس بفتور أو متأخر في بعض الخطوات. اغلط وحاول من تاني بعدها. لو أكلت الحلويات المضرة لصحتك، كلم نفسك وقول أنك هتحاول متكررش الغلط في اللحظة التالية، عشان تكون أفضل. لا شك أن الاستغناء عن مجموعة غذائية أعراضه أشبه بأعراض الانسحاب والانتكاس من المخدرات هيكون أمر صعب، لكن إياك تأجل البدء لمجرد أنك قد تتعثر على طول الطريق.
أثر الفراشة
هو أحد خصائص الأنظمة الفوضوية اللي ممكن تؤدي فيها التغييرات الصغيرة في الظروف الأولية لتباين واسع النطاق وغير متوقع في الحالة المستقبلية للنظام.
ضربة من جناح الفراشة ممكن تتسبب في حدوث إعصار في النصف الثاني من العالم.
الصحة البدنية والعقلية الجيدة، والأكل الكويس والنظافة الشخصية أمور غير مربحة. الفكر ده وحده خلاني أرغب في بدء ثورة داخلية بطريقة صغيرة والرد عليها من خلال تحدي نفسي ساعة بساعة لإنشاء قاعدة صحية عشان ابني عليها. أتحداك أنت كمان أنك تحاول زيي بطريقة بسيطة. ضع قواعدك الخاصة وابدء ثورة صغيرة، لعلها في الوقت المناسب يكون لها تأثير مضاعف على حياة من حولك. أنا بدأت أضرب بجناحي على أمل أن كلامي يثير فيك إعصار صغير.
اترك تعليق