لعبة المخ: التحرر من فخ النيكوتين
ما هو الإدمان؟
سواء كان أمر بنعاني منه شخصيًا و ذو صلة بنا أو لا، فمن مسؤوليتنا تثقيف أنفسنا حول حقيقة الإدمان والتطور الدقيق له.
كواحد من أكثر الحالات الصحية التي يُساء فهمها، الإدمان هو حالة صحية مزمنة بتحصل لما يكون الشخص غير قادر على التوقف عن تعاطي المخدرات ، أو أي نشاط ، حتى لو كان بيأثر على حياته ويسبب ضررًا جسديًا أو نفسيًا.
بينما يرتبط الإدمان في الغالب بالمقامرة والمخدرات والكحول والنيكوتين، فأنت ممكن تكون مدمن على أي شيء. بالتأكيد إحنا بنحاول نقنع نفسنا بعكس هذه الحقيقة دائمًا، ولكن أولاً وقبل الاستفاضة في هذه النقطة، هنتعرف على أسباب الإدمان.
أسباب الإدمان
هناك مفهوم خاطئ شائع مفاده أن الأشخاص الذين يعانون من الإدمان يفتقرون إلى الأسس الأخلاقية أو قوة الإرادة ، أو أنهم ببساطة يمكنهم التوقف في أي لحظة إذا قرروا ذلك. الحقيقة هي أن الإدمان أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير. بعض الناس أكثر عرضة للإدمان من غيرهم ، وهو استعداد يتم تحديده من خلال العوامل البيولوجية والبيئية والمتعلقة بالخبرة. تتضمن بعض عوامل الخطر ما يلي:
علم الأحياء: ويشمل جنسنا، والتركيب الجيني، والعرق، وتجربتنا مع أي مشاكل صحية أخرى.
البيئة: بعبارات مبسطة، هي نوعية حياتنا، بما في ذلك روابطنا الاجتماعية وطبقتنا الاقتصادية وثقافتنا.
التطور: التعرض المبكر للسلوك الإدماني يعرضنا لخطر أكبر لأن نصبح مدمنين. السبب في ذلك هو أن المناطق في أدمغتنا بتكون لسه بتتطور، والمناطق التي تتحكم في صنع القرار عندنا، وحكمنا على أنفسنا والآخرين ، وضبط النفس.
الاختيار الذي عليك القيام به
فكر في الأمر على أنه أي حالة صحية أخرى ... فكلما زادت عوامل الخطر، زاد خطر الإصابة بمرض ما. الإدمان لا يختلف. ربما تكون اتخذت خيارات سيئة، لكنك لم تختر أن تصبح مدمنًا.
بينما يتم تعريف الإدمان على أنه عدم القدرة على التوقف عن تعاطي المخدرات، أو أي نشاط ، حتى لو كان يؤثر علينا سلبًا!! لكن في كثير من الأحيان القصة اللي بنحكيها لأنفسنا عن حقيقة وضعنا تستحق التساؤل. لأن في أوقات كتير الشخص المدمن يُنكر الحاجة - أو الرغبة - للتوقف في المقام الأول.
"على الرغم من أنك قد لا تكون اخترت تصبح مدمنًا ، لكن اختيارك هو اللي هيحدد إذا كنت ستلتزم بالتعافي أم لا."
اتمسك بالفكرة دي!
المعضلة الاجتماعية
في باقي المقال، هنركز على أحد أكثر أنواع الإدمان شيوعًا - النيكوتين. وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، يتزايد انتشار التدخين في العديد من البلدان النامية، بما في ذلك مصر. الحقيقة هي أن إدمان النيكوتين منتشر على نطاق واسع ويتم تطبيعه على أنه استخدام ترفيهي تقدر تمارسه أو ترفضه ببساطة، مما يخدعك ويحسسك أنه أمر هيّن، ولكنه في الحقيقة بيكوّن عندك عادة بدون وعي.
لما يبدأ المجتمع ينتقدك ونفسك تلومك على التدخين وتتوصم بأنك فاشل أخلاقي وضعيف ... ما مدى احتمالية طلب المساعدة للتوقف عن التدخين؟ ناهيك عن الرغبة في التوقف من الأساس؟ أنت بتدّعي أنك بتدخن على سبيل الترفيه، ولكن لأي مدى هتقدر تستمتع فعلًا باستنشاق الدخان في رئتيك؟
القصة اللي بنحكيها لأنفسنا
إذا كنت مدخن، تعالى في رحلة صغيرة داخل ذاكرتك. نكتشف امتى قررت تصبح مدخن؟
أكيد مش اللحظة اللي شربت فيها أول السيجارة، لكن اللحظة اللي أصبح فيها التدخين عادة، وقررت تدخن كل يوم.
هل إدمانك التدخين كان قرارا واعيا؟ هل بتصحى كل يوم متحمس لزيادة نسبة استهلاكك للنيكوتين؟
أكيد لأ.. وأكيد أنك انجرفت في الفخ ده زي كل المدخنين اللي سبقوك.
أكيد برضه أنت حددت يوم للإقلاع عن التدخين لكن يبدو أنه اليوم ده لن يأتي ابدأ وبيتأجل باستمرار. أو أنك استسلمت تمامًا عن الإقلاع عن التدخين لأن فكرة الإقلاع عن التدخين تبدو مرادفًا للحرمان المؤلم. لأن الإقلاع عن التدخين يعني الرغبة الدائمة في شيء لا يمكنك الحصول عليه.
لذلك بتخدع نفسك بقصة يكون فيها التدخين مجرد شيء بتستمتع به ... وترجع تاني ببساطة تتلهف للسيجارة الصباحية ذات المذاق البشع، وسيجارة ما بعد كل وجبة. وسيجارة لما تحس بالملل أو لما تحتاج للتركيز، على الرغم من أن الأمرين متناقضين تماماً!! وأصبح التدخين وسيلتك للاسترخاء وتخفيف التوتر رغم أنه السبب الرئيسي لذلك!.
والأهم من ذلك، أنك أصبحت تبذل قصارى جهدك للتخلص من الصوت المزعج اللي بيقولك أنك بتأذي نفسك. فلماذا تستمر في التدخين؟ على الرغم من أن إدمانك للنيكوتين هو الجواب الواضح ... إلا أن فخه ليس كذلك.
لعبة الدماغ
النيكوتين هو أحد أكثر العقاقير إدمانًا في العالم، إن لم يكن أكثرها إدمانًا. تأثير تركه لجسمك هو الشعور بالفراغ وانعدام الأمن، المعروف أيضًا باسم "الحاجة إلى سيجارة" والذعر الرهيب من الحاجة إليها. المثير للسخرية هي أن السيجارة لا تلغي الحاجة إليها بل بتسببها وبتغذي الحلقة المفرغة من الذعر والفراغ حتى لا تنتهي. لا يعاني غير المدخنين من هذا الشعور بالذعر. ولا أنت كذلك، في مرحلة ما من حياتك سابقًا، ومستقبلًا على ما نأمل.
فكر في الشعور بالفراغ. تخيله كوحش صغير يتغذى على النيكوتين وهدفك هو تجويع الوحش الصغير لرؤية "لهفتك للتدخين" على حقيقتها ألا وهي أنها مجرد وهم ومتعة زائفة مدتها دقائق قليلة بتقضيها أثناء التدخين.
ولكن لو التدخين متعة زائفة ليه بتكون قابلة للتصديق؟ الإجابة هي لأنك تعاني فقط من الرغبة الشديدة عند انقطاعك عن التدخين، والتدخين هو اللي بيخفف تلك الرغبة. ثم يربط دماغك التدخين بالراحة، وبالتالي بين التدخين والمتعة الحقيقية.
فكّر نفسك أن ما تسعى إليه في الواقع هو الحالة التي كنت فيها قبل أن تبدأ في التدخين. أنت حرفيًا تحاول أن تشعر بالاسترخاء مثل غير المدخن. ثم تخيل أن الوحش الصغير بدأ يتحول إلى ضوضاء في الخلفية، تخيل نفسك حر من سيطرته.
أعراض الانسحاب
بعبارات بسيطة، الرغبة في التدخين هي حرفياً أنك بتحاول الهروب من الشعور بانسحاب النيكوتين ... والطريقة الوحيدة للتخلص منه هي الإقلاع عن التدخين. "تقليل" التدخين خطوة غير كافية لأن الوحش الصغير لا يزال يتغذى. من المهم جدًا أنك تتذكر أن المدخنين هم بس اللي بيعانوا من أعراض انسحاب النيكوتين. غير المدخنين لا يعانوا منها.
منقدرش ننكر أن أعراض الانسحاب له تأثير حقيقي على الجسد، إلا أنك تقدر تتعامل معاه. كل ما يتطلبه الأمر هو تغيير في العقلية وإدراك حقيقة الوضع. من الصعب التخلص من المخدرات لو كنت تعتقد أنها بتجلب لك المتعة الحقيقية. أنت محتاج تدرك أنها لا تجلب لك أي متعة على الإطلاق. وأنك تقدر تكون غير مدخن إذا اخترت أنك تكون كده.
بمجرد تغييرك لعقليتك وطريقة تفكيرك، بيصبح الباقي أسهل بكثير. وبيصبح من الأسهل التعرف على الوحش الصغير وطريقة عمله وتأثيره عليك. بالتأكيد الشعور بالفراغ مش هيكون أسهل بين ليلة وضحاها. ولكن، لن يتم التغلب عليها إلا لما تقاومها. كل ما احتضنت الانسحابات الجسدية، كل ما فكرت نفسك أكثر بأن الاستسلام مش هيحقق شيء، وزادت احتمالية نجاحك.
بالوعي والالتزام ، تقدر أخيرًا تكون حراً. مش مهم عدد المحاولات المطلوبة، المهم أنك هتكون حر.
إخلاء المسؤولية:
يرجى ملاحظة أن الآراء الواردة في هذا المقال تستند إلى التجربة الشخصية للكاتب ، وهي مستوحاة من The Little Book of Quitting بواسطة آلان كار. الآراء المعبر عنها في هذه المقالة لا تمثل كل إدمان ، كما أنها لا تعبر عن كل تجربة للمرض.
اترك تعليق